كان للمؤلف د. سليمان السلومي رحمه الله تعالى اهتمامٌ خاصٌّ بدراسة تاريخ المذاهب الباطنية ومعتقداتها ومخططاتها، كما شهدت له بذلك هذه الأطروحة التي نقدمها لمعاشر القرَّاء، ثم إن شفعها بعدُ بأطروحة الدكتوراه التي تـناول فيها بحـث ما يتصل بـالإسماعيلية.

في هذا الكتاب استقرأ المؤلف ما يتصل بالقرامطة، ومع تشتت أخبارهم وأفكارهم في الكتب التاريخية المختلفة مع ما يواجه دارس مثل هذا المذهب الباطني من تحدياتٍ كبرى إلا أن ذلك لم يثنِ من عزيمة المؤلف، بل جدَّ في البحث والتحقيق وتوَّج ذلك بهذه الدراسة التي قدمت صورةً شاملةً ومفصَّلةً لحياة القرامطة الفكرية والتاريخية، وقد اقتضى ذلك من المؤلف أسفارًا إلى أقطارٍ عدَّةٍ وبحثًا طويلًا للعثور على المصادر الأصلية التي يضن بها أصحابها ويعتبرونها من كتب الحقيقة التي لا يجوز الاطلاع عليها إلا لمن وصل رتبة معيّنة من دعوتهم.

وقد تناولت هذه الدراسة القولَ في القرامطة من خلال أربعة أبوابٍ، بدءًا بالبحث في الجذور الأساسية لحركة القرامطة، مرورًا بتاريخهم وأعلامهم، ثم البحث في عقائدهم مع نقضها وبيان عوارها، وختامًا ببيان أساليب القرامطة في نشر دعوتهم ومخططاتهم في ذلك. فكانت هذه الداراسة جامعةً بحقٍّ بين الرصد التأريخي والتحقيق العلمي، وأضحتْ بذلك أنموذجًا فذًّا للدراسات الرصينة في مجال البحث العقدي.